عالم سمسم للمسرح
أسرة عالم سمسم للمسرح ترحب بكم وترحب بآرائكم ومشاركتكم فى المنتدى
عالم سمسم للمسرح
أسرة عالم سمسم للمسرح ترحب بكم وترحب بآرائكم ومشاركتكم فى المنتدى
عالم سمسم للمسرح
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
عالم سمسم للمسرح

أدب - فن - مسرح - ثقافة نقد تراث
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
قريبا بالاسواق المجموعة القصصية الأولى البهلوان للكاتب والصحفى والمخرج المسرحى سامى النجار دراسة وتقديم الروائى وكاتب الأطفال فريد محمد معوض
انتظروا جريدة الموعد الرياضية فى ثوبها الجديد
قريبا فى الأسواق مجلة دنيا النجوم فى ثوبها الجديد أجرئ الحوارات الصحفية أخبار أهل الفن و الأدب
سامية والذئب مجموعة قصصية للأطفال للكاتب سامى النجار
سلوى والمكتبة قصص جديدة للأطفال للكاتب سامى النجار
قريبا بالاسواق رواية عيون تلمع فى الخريف للكاتب محمود عبد الله محمد والتى سوف يحولها الكاتب إلى مسلسل تلفيزيونى
صدور المجموعة القصصية حكايات الجد مشعل للكاتب محمود عبد الله محمد عن الهيئة العامة للكتاب وهى مجموعة قصص للطفل
تحت الطبع مسرحية الفراشة الزرقاء وهى مسرحية للطفل للكاتب سامى النجار
قريبا بالاسواق ديوان شعرى جديد بعنوان آه يا بلد للكاتب سامى النجار
صدور المجموعة القصصية ريحان والحقيبة البنية للكاتب محمود عبد الله محمد
أسرة عالم سمسم ترحب بالميدع زين العابدين فمرحبا به ونتمنى منه المشاركة بأعمالة الرائعة

 

 حياة بدون ودود

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
إسراء الصاوي




عدد المساهمات : 23
تاريخ التسجيل : 23/01/2011
العمر : 35
الموقع : دمياط الجديدة

حياة بدون ودود Empty
مُساهمةموضوع: حياة بدون ودود   حياة بدون ودود Icon_minitimeالأربعاء 16 فبراير 2011 - 1:50

حياة بدون " ودود"

كانت حياتها في قهر وظلم أحياناً وبؤس وتشرد أحياناً أخرى وقسا عليها الزوج لأوقات كثيرة ، حتى أنجبت طفليها التوأمين . وتعود الأحداث عندما استيقظت الزوجة ذات يوم وشبّ يبنها وبين زوجها مشاجرة لا تعلم سببها حتى الآن ،كان على أثرها أن طردها الزوج وهي حامل في طفليها.عاشت بعد ذلك من أجل أولادها ، لكن تحدث لها العديد من المفاجآت .

عاش " رحيم" – زوج " شكرية" التي تحدثنا عنها سابقاً – ما بين حياة هادئة تارة وحياة غير مريحة تارة أخرى وعمل " ميكانيكياً" ورغم ذلك كان على قدر كبير من الثقافة واللباقة في الحديث ، كان ممتلئ الجسد قليلاً ومتوسط القامة وذات شعر مجعد.

بعد أن طرد زوجته تزوج من أخرى وقد توفيت زوجته الثانية بعد أن أنجبت له " سعيد" والذي كان قوياً مفتول العضلات ، لكنه حاد الطباع وغليظ القول ، علمه والده العمل معه منذ نعومة أظافره فازداد حدة أكثر في القول – خاصة – مع الذين يتعامل معهم من نفس المهنة ، ودائماً في شجار مع والده بسبب أسلوبه وعناده. وقد أنكر عليه والده ذلك وضاق منه ذراعاً ، مرت الأيام حتى كان " رحيم" يجلس ذات يوم على قهوة مدخناً للسجائر والشيشة بشراهة – كالمعتاد- وإذ بصديقه " مصيلحي" يدخل عليه ساحباً صبياً في يده يظهر عليه البؤس والتعب ؛ فقد كان هذا الصبي ضعيف البنية ، لكنه دخل قلب " رحيم" منذ أن رآه ، فسأل " مصيلحي" عن شأن هذا الصبي .

أجابه بأنه وجده في إحدى الموالد باكياً باحثاً عن أمه التي تعمل فيه ، فاصطحبه معه ، ولأنه رجلاً كبيراً لا يستطيع أن يتكفل بتربية هذا الصبي ، فأتى به إليه ، ليعرف ماذا سيفعل به. قربه " رحيم" منه وأخذ يمعن النظر فيه بعطف واحتضنه بشده وشعر كأن شيئاً يحركه ناحيته وضمه لصدره بقوة – كادت تعتصر الصبي- وقال له : لا تخف يا بني .... لا تخف ، سوف أقوم بتربيتك لعلك تكون سنداً لي بدلاً من ابني العاق الذي لا أجد منه فائدة.

سحب الولد في يده واتجه للبيت وعندما رأى " سعيد" ذلك ثار وغضب واستنكر بشدة وجوده وشبت بين الأب والابن مشاجرة ، ولم يحبه يوماً ودائماً ما يحاول "سعيد " أن ينال منه ويغلظ عليه القول . اسم هذا الصبي " ودود" لم يشأ أن يبلغ " رحيم" بشئ حيث يعتبر نفسه غريباً منذ أن دخل هذا البيت ، بل أنه يرتبه كل يوم وينظفه ولا ينام إلا في المطبخ ولا يتناول الطعام معهما. وعندما يناديه " رحيم" لتناول الطعام يُخبره بأنه تناوله منذ قليل ، حيث لا يريد أن يكون ثقيلاً عليهما وعندما زاد في هذا الأمر تعجب " رحيم" وتمسك بالولد أكثر وأكثر ، حتى عزّ عليه أن تكون هذه عيشته ؛ فقرر من الآن وصاعداً أن يتناول الطعام معه ، بل زاد من حبه له أن يطحبه معه كل يوم للعمل معه وابنه.

هذا الأمر أدى لإذدياد الخطورة حيث كرهه " سعيد" أكثر وأصبح أمر لا يُحتمل بالنسبة إليه وحاول تلفيق التهم والأكاذيب إليه ، لكن " ودود" لا يدري لماذا يفعل به هكذا ، فهو يحبه كثيراً ويحاول الاقتراب منه دائماً دون جدوى.

كان لـ " سعيد" صديقاً مقرباً له يُدعي " رءوف" مثل " سعيد " تماماً في الشر ولم يكتفي بذلك ، بل كان يُعينه على " ودود" وكبرا الجميع ومازالت العدواة موجودة بين " سعيد " و" ودود". كان " رءوف" وصديقه يقضيان يومهما بين العمل نهاراً وبين أحضان الخمرة والقهاوي ليلاً ، أمل " ودود" فيقضيها في العمل نهاراً وبين طيات الكتب أحياناً أخرى التي كان يقرأها من مكتبة " رحيم " لكنه يقرأها خفية ، حتى لا يراه أحد ويوبخه . ثم يخضع للنوم حالماً بما قرأ لربما تحقق منها شئ .

" رءوف" ضخم الجسد مثل " سعيد" وقصير القامة قليلاً وسئ الطباع ، ويساعد صديقه دائماً على ما يفعل من الفساد ويشحنه أكثر على التخلص من " ودود" بقتله . و – بالفعل- استيقظ " ودود" ذات يوم فزعاً عندما وجد " سعيد" بجانبه رافعاً سكيناً ويريد تصويبها ناحيته ، فما كان منه إلا أن قال : ماذا بك يا سعيد؟ هل أنت تريد شيئاً؟ إن كنت تنوي الحديث معي فها أنا مستيقظاً لك ، ثم نظر قليلاً ليده فوجد السكين فأشاح بوجه إليه ثانية قائلاً : ما هذا يا سعيد! لماذا تمسك هذا السكين؟ أتود قتلي يا رجل؟! لماذا تكرهني إلى هذا الحد يا سعيد؟ أقسم بالله أنني منذ أن دخلت هذا البيت وأنا أعتبر نفسي غريباً وحيداً وأحب الاقتراب منك وأنت لا تريد.

كان قد اعتدل في جلسته وأمامه " سعيد" واقفاً ناظراً إليه بعيون حاقدة شريرة قائلاً: أحسنت. إنك تجيد التمثيل كثيراً وببراعة ليس علي فقط ، بل على أبي أيضاً أيها الوغد.

ثم انحنى قليلاً وجذب " ودود" من سترته قائلاً: أتعلم... أقسم بالله إن لم تُظهر حقيقتك وتتخلى عن قناع الكذب هذا لأقتلك المرة القادمة...هه ؟ هل فهمت ؟ وقبل أن يستكمل الحديث دخل " رحيم" الغرفة ليرى هذا المنظر واندهش ثم سأل " ودود" : ماذا يحدث يا ولدي؟ لماذا هذه الضجة ؟ أكنتما تتشاجران؟

خطف " ودود" السكين من يد " سعيد" بسرعة وأخبأها تحت " البطانية" قائلاً: لا ... لا يا حاج لم يكن هناك سيئاً ، لكني كنت أداعب " سعيد" قليلاً فقط ، لأنه كان حزيناً وقد ناديته لنتحدث سوياً.

اندهش " سعيد" وظل ماثلاً أمامه وأما " رحيم" فقد غادر مندهشاً لما يحدث. نظر " سعيد" لغلق الباب ثم استدار ببطء شديد ناظراً لـ " ودود" الذي نظر إليه مبتسماً قائلاً: أعرف ما تفكر فيه وماذا ستسأل ، لكني سأجيبك دون سؤال. ألم أعلمك منذ قليل أنني أحبك وأريد الاقتراب منك ؟ أنت مثل أخي يا سعيد الذي فقدته منذ أن كنت صغيراً لذا أجد فيك الإخوة والحب ، فلماذا تسرق هذا مني يا رجل ؟ إن كنت لا تود حبي ، فاتركني إذن أحبك أنا دون مقابل ، اتركني ابحث عن أخي فيك يا سعيد ... أرجوك.. لا تحرمني من هذا الشرف والفرصة الكبيرة.. وبالنسبة إلى لولا أن والدك رجلاً طيباً وقد عطف علي منذ أن كنت صغيراً وأدخلني في هذه الغرفة لما برحت مكاني أبداً في المطبخ على الأرض يا رجل وأنني مازالت مصراً على أنني غريباً ليس لي الحق هنا في أي شئ ، لكني لا أود أن أغضب أبيك..

نظر إليه " سعيد" بغيظ وفتح الباب ليخرج وضرب الباب بقدميه كادت أن تكسر الباب، وأصبح الصباح وهو واجماً ساخطاً على " ودود" فكم يشتاق ويتصيد الفرص للتخلص منه. حيث يُثبت " ودود" كل يوم نُبل أخلاقه وهذا ما يضايق " سعيد" كثيراً ، ويهل يوماً جديداً وقد أتى رجلاً من الأثرياء يريد إصلاح سيارته وتولى ذلك " سعيد" بنفسه ، لكن سرعان ما يتحول الموقف عندما يجد بعض الأموال في السيارة ، فينظر إليها ثم يترك السيارة مهرولاً إلى " رءوف" ليخبره عن فكرة شيطانية مجنونة للتخلص من " ودود"..

رءوف: ماذا بك يا سعيد ، لماذا تعدو مهرولاً هكذا يا رجل؟ أهناك شيئاً؟
سعيد: فكرة! فكرة شيطانية يا رورو ، لم تخطر على بال الشيطان نفسه ، أنا وجدت المصيبة التي نلحقها بالأحمق ودود وتخلصنا منه.
اندهش " رءوف" : فكرة! أي فكرة يا رجل؟
سعيد: أنا وجدت مبلغاً ليس بقليل في سيارة أحد الأثرياء أتى بها لأصلحها له وخطر على بالي أن أسرق الأموال وأذهب لـ " ودود" وأخبره بأنني مريض ولا أقدر على فعل شئ اليوم وأطلب منه بعد التحايل والليونة أنني أريده أن يفعل ذلك بدلاً مني وبالطبع عندما يأتي الرجل ليدفع الحساب لن يجد المال وبالتالي سيُتهم فيها من...؟
اندهش " رءوف" واضعاً إصبعه في فيه قائلاً: و...ودود. يااااه ، أنت حقيقي والد الشيطان وليس ابنه..

ثم انفجرا الاثنان في الضحك والسخرية.

- بالفعل- يفعل ما يريده ويذهب " ودود" الطيب المسكين والذي لا يعلم ما ينظره من مصائب ومكائد تُدبر له، وبدأ في فعل عمله وبعد أيام جاء الرجل ليدفع لم يجد الأموال واتهم – بالطبع- " ودود" بالسرقة والانحطاط وعدم الأمانة وظل الرجل يدافع عن نفسه دون جدوى ، حينئذ دخل " رحيم" ليرى ويفهم ، فأخبره الثري والتفت الأب لـ " ودود" وهو يردد للثري : هذا مستحيل! ودود لا يستطيع فعل ذلك يا باشا ، إنسان أنا ربيته على الأخلاق كيف سيفعل ذلك؟

هنا نظر " ودود" للخلف قليلاً ليرى " سعيد" متكأً على الحائط متشابك الأذرع ومبتسماً ومعه " رءوف" ففهم الحيلة ،فنظر لـ " رحيم " وطأطأ رأسه لأسفل فظن " رحيم " أن " ودود" قد فعل ذلك فعلاً ، فطلب السماح من الثري وتوسل إليه بإعطائه فرصة لاسترجاع المال وإعادته إليه.

تركهم " رحيم" عائداً للبيت حزيناً محدثاً نفسه: يا إلهي! حتى أنت يا رحيم يا ولدي كيف لك بفعل هذا الأمر المشين؟ لقد ظننت أنك سنداً لي لكنك أثبت كذبك وادعائك علي بأنك مطيع وأمين ... يا حسرتاااااه!
هنا كان " ودود" ماشياً ورائه لا يفكر إلا في الرجل الذي رباه منذ أن كان صغيراً وعطف عليه ولا يريد أن يُغضبه وكأن هناك توافقاً في الأرواح حدث " ودود" نفسه: والله يا أبتي أنني لم أفعل شيئاً . وأنني بالفعل كنت مطيعاً أميناً وما زالت ، فأنا أخجل من أفعل شيئاً يطأطأ رأسك لأسفل ... صدقني يا أبي.

دخل الاثنان البيت وبدأ "رحيم" في توجيه النظرات والعتاب لـ "ودود" : أنت! أنت يا ولدي ! لماذا؟ أنا لم أتخيل هذا قط في حياتي يا ودود، ليتني مت قبل أن أرى هذا اليوم في حياتي ، وأنا كنت معتمداً عليك وقلت لنفسي أخيراً عرفت أربي وأنشأ ابناً صالحاً باراً تأتي أنت يا ولدي وتقسم ظهري وتُحنيه . لماذا؟ لماذا يا ودود يا ولدي ؟
وكان ينظر إليه بعيون منهمرة من الدموع ، فسقط " ودود" على ركبتيه متكأً برأسه على قدم أبيه باكياً بشدة " سامحني يا أبي ، هل ستصدق ما أقوله لك؟
نظر إليه وهو خافضاً رأسه قائلاً : ومنذ متى وأنا أكذبك يا ولدي حتى هذه اللحظة وأنا لست مصدقاً ما حدث؟ قول يا بني لربما أرحت قلبي قليلاً.
ظل " ودود" على هيئته : أقسم بالله يا أبي أنني لم أفعل هذا الفعل المشين ، ولم أجرأ ذات يوم أن أفعل ذلك منذ أن ربيتني وأنا يتيماً ، فكيف أرد لك هذا الجميل هكذا؟ وعاهدت نفسي أن أكون عند حسن ظنك ..

هنا اندهش " رحيم" وأنحني قليلاً ليرفع " ودود" ويضمه بشده : إذن من فعل ذلك يا ولدي؟!
وكان " سعيد" واقفاً بالخارج وخشي أن يُفتضح أمره إلا أنه وجد " ودود" يقول: أنا لم أسرق شيئاً يا أبي ، أنا بالفعل وجدت المال ولكنني أخبأته تحت مقعد السيارة حتى لا يراه أحد ولكن الرجل لم يُعطيني الفرصة لأقول ذلك.
فرح الرجل وأمسك بيده : إذن ... هيا ... هيا يا ولدي نذهب إليه ونرد المال ونسترد كرامتنا التي نثرها أمام الخلق.
وقف " ودود" : لا يا أبي ليس الآن ، إن شاء الله في الصباح.
ثم قبله " رحيم" في رأسه وهو فرحاً.

انصرف ثم دخل بعده " سعيد" غاضباً: لماذا تفعل ذلك يا ودود؟ هل وجدت المال حقاً؟ ولماذا لا تدينني إن كنت قد شككت في؟
هنا ابتسم " ودود" : لأنني أخبرتك بحبي لك ومن يحب يا سعيد لا يخون ولا يكره وأما بالنسبة للمال فأنا سأعقد معك صفقة ، أنا أعلم مدى كرهك لي وكم تود أن تستيقظ ولا تجدني في هذا البيت بل الدنيا كلها ، لذا فأنا أقولك أعطني المال أعيده للرجل وأنا أعدك بأنني لن تجدني هنا في البيت أو الورشة أبداً وسأريحك من هذا الأمر ، لكن أعطني المال فلا أحب أن يتعب والدك في هذا السن ولن أسمح بذلك أبداً.
فرح " سعيد" : أعتبر هذا وعداً؟
ابتسم " ودود" : نعم يا رجل وعد.

في اليوم التالي كانت الأموال عند الرجل الثري في سيارته بعد أن حاول " سعيد" دفعها في المكان الذي أخبر " ودود" والده بها ثم ذهب للرجل ليخبره بها، بعدها لملم " ودود" أشيائه ورحل بعيداً ، لكنه كانت يُبيت على قارعة الطريق والأرصفة مطوياً في أغلفة الجرائد أو " الأشولة" في الصقيع والبرد ولم تتوقف مضايقة " سعيد" له هو وصاحبه ، فكلما عادا الاثنان من القهوة يترنحون ويتمايلون يميناً ويساراً من أثر الخمرة والضحكات تتعالى والصيحات تتسابق والشتائم واللكز والضرب في " ودود" يزداد، فاستيقظ" ودود" على هذا الضرب فزعاً لا يدرى ما يحدث إلا ويجد الاثنان يبصقان عليه ، فيمسح مكان البصق وينظر لأعلى بحزن لهما " أشكرك يا أخي لكن لن أفعل بك شيئاً لأنني أحبك حقاً ولا أريد أذيتك ، لكن عد بأدراجك الآن ، لأنك كما ترى البرد يزداد وأنا مرهق منذ الصباح ، أرجوك... أنا تركت كل شئ لك ، ماذا تريد مني الآن؟
ضحكا الاثنان ونزعا الأوراق التي يطوي " ودود" فيها نفسه وجرا بعيداً والضحكات تتعالى.

تكرر الموقف و " ودود" صابراً لا يريد فعل أي شيئاً معه ولكن استفزه " سعيد" : أحقاً؟ أنت ممثل بارع ، لكن الممثل لا يكون بارعاً إلا إذا أتى بدور البطولة ولن تكون هناك بطولة إلا إن قمت وبارزتني وأثبت تفوقك علي. هيا قوم يا رجل. هيا ..

ظل " ودود" هادئاً لا يريد فعل شئ ولكنه غضب بشده عندما ضربه " سعيد" وشتمه بوالده – هو لا يعلم من هو والده سوى الذي رباه ومن وقتها يعتبره والده الحقيقي - .

ذهب معه في ساحة كبيرة أمام الناس في الصباح وأراد أن يريحه وبدأت المبارزة بينهما والناس يقفون مشاهدون ويتضاحكون ويهللون لـ " سعيد" : هيا .... هيا أيها البطل ... هيا يا سعيد أجهز عليه ولا تتركه..
ينظر إليهم " ودود" بحزن وانكسار فكم أراد أن يقف أحداً حائلاً بينهما حتى لا تتناثر الدماء من إحدهما .
ظلا الاثنان يتشاجران شاهرين السيوف وهذا يطيح بالآخر مرة والعكس ، و" رءوف" واقفاً ضاحكاً مهللاً وكبراً : هيا يا بطل .... هيا يا سعيد ... لماذا أنت بطئ هكذا ؟ أجهز عليه وأعطيه لكمة قوية ليتذكرها إن عاش ولتكن أنت البطل.
وظل يضحك ويقفز هنا وهناك ، وقتها وقع " ودود" على الأرض وظن الجميع أنه مات أو تعب : الله أكبر .... الله أكبر يحيا البطل سعيد.
لكزه " سعيد" بقدميه ليرى هل مازال يحيا أم لا؟ فوجد " ودود" باكياً وينظر إليه ثم انبطح على قدمه : أرجوك يا سعيد ... كفى ، ها أنا أقبل قدميك أرجوك كفي لا تفرج الناس علينا أكثر من ذلك ، أنت بطل وأنا أعترف بذلك ولست في حاجة لقتلي سأرحل إن أردت من الدنيا لكن لتكن بيد آخر وليس أنت ..... أرجوك يا أخي.
اندهش الجميع وقام ببطء صوب " رءوف" وأعطاه السيف: خذ ... خذ يا رءوف اقتلني أنا لأريح صديقك . أرجوك يا رءوف لا تجعله هو من يقتلني فلقد رأيت فيه أخي وأخي ليس بقاتل ، أنا لا أود أن تقتلني أيضاً لكن لأريح صديقك.
نظر إليه بإندهش ثم نظر لصديقه ، إلا أن " سعيد" جذب السيف وجذبه بشده وأجبره على الاقتتال وبيده.

أما " رحيم" فكان في السوق يبتاع بعض الأشياء ولم يسمع بشئ إلا أنه وجد مفاجأة ثانية ، فقد رأى زوجته التي طلقها منذ زمن وظلا يتبادلان الحديث ويحكي كلاً منهما عن أبنائهما ، في هذه الأثناء ترامى لأسماعهما الشجار والمبارزة بين "سعيد" ودود" حيث قال أحد المارة: أيها الناس... هلموا – هناك مبارزة بين ودود و سعيد ، اندهش الرجل ورمى ما يحمله من أشياء واندهشت السيدة : ودود! وسألته عن الصبي الذي رباه فقال لها ثم بكت : هذا ... هذا ابني يا رحيم ... نعم ابني الذي فقدته وفقد بصري على فقدانه .

تعجب الرجل وقال : هذا يعني أن الأخوين يتقاتلان .

وجرى بسرعة ناحية الساحة ساحباً السيدة " العمياء" معه ووجدا الناس جميعهم يصيحون ويهللون وقبل أن يستكمل أحد شئ صاحت الأم : لا....لا ودود ولدي.
ألقى " ودود" سيفه ونظر ببطء أمامه ليجد أمه التي احتفظ بصورتها منذ أن كان صغيراً.

تبعها الأب: لا يا سعيد يا ولدي ... ودود أخوك يا بني . لا ترتكب هذا الخطأ الشنيع يا ولدي ، نظر " سعيد" للوراء وفي هذه الأثناء و"رءوف" مازال يصيح وسرق السيف بسرعة من على الأرض وأغمده في ظهر " ودود" الذي انكب على " سعيد" وحاول احتضانه إلا أنه سقط على الأرض أمام قدميه ، وظل " سعيد" ممسكاً به ثم سقط على ركبتيه ، رفع " ودود" عيناه لأعلى مبتسماً: الآن سأريحك يا أخي لا لقد أراحني صديقك من هذه الدنيا التي لم أجد منها سوى البؤس والشقاء أتتذكر كم قلت إليك أنني أحبك وأنني أشعر بأنك مثل أخي وكنت أخشى أن تقتلني بيدك ... لكن ... الحمد لله افرح يا أخي .... أفرح...
بكى " سعيد" بشدة لأول مرة وانكب على " ودود" : لا .... لا تقل هكذا يا... يا أخي ، أنا الشيطان الذي لابد له من الموت وليس أنت أرجوك لا تمت ، أعرف أنني كنت فظاً دائماً معك لكن لم يكن لي أخ ولا أم ولا أب جيد ليسمعني ويفهمني ويعلمني شيئاً ، لهذا كنت فظاً مع الجميع ، ودود .... أرجوك لا تتركني يا أخي لماذا ستتركني بعد أن وجدتك ، أقسم لك بالله بأنني سأكون رجلاً آخر وسأشرفك من اليوم لكن عش فقط وسترى.
هنا صرخت الأم :لاااااا ولدي قتلته يا رءوف ! عرفت صوتك أيها الوغد ، هذا أخيك يا كلب .
وضربته وصفعته على وجهه ، فقد كان ابنها الثاني الذي كان عاقاً في حقها مثل " سعيد" مع أبيه. وما كاد يسمع ذلك حتى اندهش واقترب من " ودود" وانكب على الأرض وهو ينظر ويتحسس أخيه باكياً : ماذا؟ أخي! الذي فقدته؟ كيف؟ كيف لم أشعر به؟ ودود .... سامحني يا أخي ، أنا وغد قتلتك بيدي يا أخي لن أسامح نفسي أبداً و...
هنا قاطعه " ودود" : لا تقل هذا يا رءوف أنا سعيد بأنك أخي
يا حبيبي و لا يصح أن أغضب منك . يا رجل لم أغضب منك وأنا على قيد الحياة هل سأغضب منك وأنا ميت ؟ أيعقل ذلك؟ هيا .... هيا ... قم يا حبيبي واحتضناني لربما تكن المرة الأخيرة.
ونظر للأخوان عن اليمين وعن اليسار وابتسم واحتضنهما ومعهم الأب والأم وقال: الحمد لله يا أمي أنني رأيتك قبل أن أموت. بكت الأم ونظر لأب : أبي لا تقسي عليهما هما الآن مكاني ولن أقبل بتوبيخي واقترب منهم ومع أمي ... لا تتركها لقد عانت كثيراً .. أوعدني يا رجي .... هيا.. أريحني مثلما أرحتك وأنت تربيني.
" رحيم": لا يا ولدي لا تقل هذا الكلام ستعيش وأنت من يربيهم من أول وجديد وأنت من تعينني في هذا الحياة. أنت طيب والطيبون هم من يحيون في الدنيا.
ابتسم وهو يحاول التقاط أنفاسه:لا يا أبي أنت أخطأت الطيبون هم من يأخذهم ربهم لأنه يريدهم بجانبه.
ونظر للجميع وأمعن النظر في أمه: أماه! تعالي لهنا كي احتضنك كما احتضنت صورتك وتمنيت مع كل هطول للمطر وسطوع للشمس راجياً منهم أن يجمعاني بك اليوم تحققت أمنيتي.
بكت الأم وهي متشبثة بملابسه: لا يا ولدي كم تمنيت أن أراك ولو للحظة قبل أن أموت ونفسي أراك يا ولدي.
هنا يلعب القدر دوره – لأول مرة منذ البداية- ويلقي بالضوء علي عينيها لتبصر وترى ابنها للمرة الأخيرة فتنكب عليه وتقبله وانفجر الجميع في البكاء و" ودود" يحتضنهم حتى سقطت يديه على الأرض وعلم الجميع بموته حينها فقدت الأم بصرها ثانية. حمله الأب ماراً من وسط الجميع لدفنه والجميع يبكون عليه : مع السلامة يا ولدي ... ارحل لعالمك الطاهر لبرئ وليعننا الله على شقاء هذه الدنيا.

واحتضن الأم والأبناء بالبكاء وذهبوا ليحولوا عش حياة ثانية ، حياة بدون "ودود".




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سلوى سامى النجار
المدير
سلوى سامى النجار


عدد المساهمات : 62
تاريخ التسجيل : 25/02/2010
الموقع : http://samypress.blogspot.com

حياة بدون ودود Empty
مُساهمةموضوع: رد: حياة بدون ودود   حياة بدون ودود Icon_minitimeالسبت 5 مارس 2011 - 14:31

قصة جميلة
تحياتى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حياة بدون ودود
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة حياة فرخة
» حياة نخلى ( كاتبة ) لحظة مخاض
» وجاشت نفسي بمقطع حزين شعر حياة نخلى
» أسرة عالم سمسم ترحب بالكاتبة حياة نخلى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عالم سمسم للمسرح  :: قصة قصيرة :: قصة قصيرة-
انتقل الى: